فرحة هيستيرية من المدرب واللاعبين في باريس سان جرمان بعد تسجيل كافاني للهدف.. كأنهم وصلوا الى مبتغاهم، كأن اللقاء انتهى، المشكلة انني ايضا اعتقدت ذلك، وعصام الشوالي معلق المباراة اعتقد نفس الشيء بل وصرح بها، بالظبط قبل تنفيد الركلة الثابتة لنيمار في الدقيقة 87 والتي أعطت الهدف الرابع للبارسا، قال بالحرف "رسميا باريس سان جرمان في ربع النهائي، لكن بأي نتيجة!!" غالبية جماهير البارسا استسلموا كما لو ان الامر واقع والاقصاء لا محالة.
عندما يكون اقصى طموحاتك انجاز ثُلثيْ المهمة فمن الأجدر لك تغيير او تصغير طموحك منذ البداية، واخبر الجميع بذلك. اخبر الطفل الصغير بالأمر ليبحث عن فريق آخر يقدس طموحاته، اخبر مرضى القلب والاعصاب ليبتعدوا عن مشاهدتك حفاظا على ارواحهم، اخبر العجوز ليعيش ما تبقى له في حياته في سعادة وطمأنينة بعيدا عن وجع القلب هذا. فما وقع لا يستطيع عاشق النادي تقبله، ففرحتان هيستيريتان تنتهيان بمأساة وخيبة أمل، لن يستطيع الحاضر ولا المستقبل تضميد جراحها، لأن القدر قد لا يضعكما من جديد في نفس الظروف، فدوري ابطال اوروبا ليس بطولة محلية تمنحك فرصة الانتقام من منافسك المحلي كل سنة. اصلا ثمن نهائي هذه السنة كانت له ابعاد انتقامية، لان البارسا تمكن من اقصاء النادي الباريسي في ربع النهائي مرتين في العشر سنوات الماضية، أليس للقدر غيرك يا باريس ليمنحك البارسا في النسخ المقبلة؟ فالكل يريد مواجهته، ليس انتقاما فقط، بل لصنع التاريخ قبل ان يغادر ميسي الملاعب. ولكم في يأس جماهير بوليفيا بعد ايقاف ميسي اربع مباريات افضل مثال، جمهور حجّ للملعب لمشاهدة ميسي مع منتخب الارجنتين وهو خصم لبلدهم وقد يسجل في مرماهم لو شارك... لكن مشاهدته متعة.
نعم!! باريس سان جرمان أنجز ثلثي مهمته، فقد قام في الثلث الاول بمباراة ذهاب عالمية، وسجل هدفا في الكامب نو في الثلث الثاني. الثلث الاخير لم يكن في حسبان النادي. المدرب واللاعبين غاب عنهم طرح هذه الاسئلة المهمة؛ ماذا بعد؟ كيف سنتعامل مع المباراة بعد تحقيق الهدف؟ على ما أعتقد انهم انتظروا جميعا إحباط البارسا.. تركوا المهمة الاخيرة للاعبي البارسا، فيقول لاعبي باريس مثلا "نحن قمنا بما يتوجب علينا، سجل لنا كافاني هدفا رائعا وكافيا، عليكم الآن يا لاعبي البارسا ان تكتئبوا ولا تحركوا ساكنا، تحافظون على نتيجة 3-1 وسنقوم ايضا نحن بالاستعراض وتنتهي المباراة بتأهلنا، اتفقنا!؟؟" نيمار وميسي يجيبان " ليس بعد". علينا تأمل فرحة الجميع بعد هدف كافاني، احتفلوا قبل انهاء المهمة بطريقة مريبة، فماذا تركوا لنهاية المباراة لو تأهلوا؟ إن كان الاحتفال بهدف كافاني بتلك الطريقة ، فلك الحرية أن تتخيل فرحتهم لو تأهلوا للنصف النهائي او النهائي؟ ايضا نادي برشلونة احتفل بالتأهل في ثمن النهائي، كما لم يحتفل من قبل وهو الفريق المتعود للذهاب بعيدا في البطولة، زلزال ضرب مدينة برشلونة بعد هدف سيرجيو روبيرتو، كأن الامر يتعلق بمباراة النهائي او بكلاسيكو. في هذه الحالة، سأضع لك رؤيتان مخلفتان؛ إن استطاع النادي الكتالوني تجاوز نادي يوفنتوس في الربع النهائي، فقد فطن لدرس الريمونتادا ولم تكن تلك الفرحة الا حلقة واحدة في سلسلة افراح طويلة.. وإن تم اقصاءه في الربع فذاك الاحتفال كان شبيها باحتفال باريس سان جرمان بهدف كافاني في الاياب.
في ختام هذا الجزء، تصوّر يا صديقي القارئ لو اعتبر نادي برشلونة ومشجعيه التأهل ب 6-1 امراً عادياً؟ وخرج لاعبي البارسا بتصاريح بعد المباراة، ميسي يقول " لم نحتفل!! لأننا برشلونة، وكنا متأكدين من التأهل، سنحتفل فقط عندما نبلغ النهائي ثم الفوز باللقب!!" اما نيمار " برشلونة لا تحتفل في ثمن النهائي، لان طموحنا اكبر من التأهل للنهائي، نحن نحتفل بالألقاب !!" انيستا أخيرا " ما فعله سيرجيو روبيرتو ذكرني بهدفي امام تشيلسي!! نحن متعودون على سيناريوا كهذا، انتم فقط - مشيرا بيده للصحفي- تتجاهلون ذلك، وتضخمون ما حدث!!". هناك من سيعتبر الامر تكبّرا او غرورا، لكن سيتفقون جميعا على ان البارسا رهيب ولا يقهر؛ الجريء سيعلنها جهرا والخجول سيحتفظ بها لنفسه سرا. فطموح النادي بهذا السيناريو لن يستطيع البشر عرقلته والحيلولة دون تحقيقه.
تعليقات
إرسال تعليق