الواضح أنَّ نادي العاصمة باريس، سافر الى ملعب "الكامب نو" -بالاضافة للتنزّه طبعاً- من اجل تسجيل هدف واحد فقط، لمْ يَضَع لوهلة واحدة في حسبانه أنّ الخصم يستطيع العودة رغم تسجيل الهدف. فقد صَدَّقَ النادي بأكمله منشورات الإعلام وقصص التاريخ، اللذان بَيَّنا للفريق أنَّ العودة بعد تلقي اربعة اهداف لم تحدث في البطولة من قبل، اي ان التأهل للربع النهائي اصبح من المسلمات ولا غبار عليه. تَلقواْ اللاعبين الهدفين الاول والثاني بسهولة، ولم يتأثروا بعد، كانوا كمن يسخر من الضعيف المُحتقر الذي يحاول هزيمة القوي المتغطرس، فيقولون مثلا اتركوهم يسجِّلون!! اتركوهم يحاولون!! فعودة الامل للبرشلوني ثم نقوم بنسفه بهدف واحد، امر قاسي للغاية سيصيبهم بمرارة لن يتذوقوا بعدها مرارة أبدا، وسنضحك ونمرح نحن على ايقاعات التأهل اياماً وليالي!! ايها اللاعب الباريسي، في شباكك هدفين ولم تتحرك بعد، ماذا تنتظر؟ انتظر الهدف الثالث! وإن لم يستطيعوا تسجيله ساعدناهم على ذلك؛ نحن نحبها دراماتيكية. بسببهم استحضرت المقولة الشهيرة للمعلق التونسي عصام الشوالي في حق ريال مدريد "دعْهم يحاولون فالمحاولة امامك شرف، بألقابك لن يتعدّوك في مجدك لن يتحدّوك بأسمائك سيذكروك بتاريخك سيمجّدوك انك الأسطورة يا ريال".
ما حدث ذكَّرني بقصة الأرنب المغرور والسلحفاة البطيئة، وسأعيد سردها للعبرة. فقد كان الأرنب يفتخر بنفسة بِأنّه أسرع حيوانات الغابة، ولا احد يستطيع التغلب عليه، في يوم من الايام، شاهد سلحفاة تمشي ببطيء شديد، وأخد يستهزئ بها، وقال لها "يا لكي من مسكينة، بطيئة جدا جدا!! " فردت السلحفاة "ما رأيك ان نتسابق انا وانت وسوف نرى من سيفوز!!؟" وافق الأرنب على عرض السلحفاة، وبدأ السباق والأرنب يكرر "لن تغلبني هذه البطيئة". في منتصف السباق، توقف الارنب من الركض لكي ينام ويأخذ قسطاً من الراحة. السلحفاة ما زالت في بداية السباق، لكن الاخيرة تابعت المشي ولم تتوقف ووصلت الى خط النهاية ولازال الارنب نائما!! فلما استيقظ الارنب وجد السلحفاة قد فازت بالسباق، تفاجأ بالأمر واخذ يبكي بمرارة على خسارته.
الأرنب كان يردّد أنّ السلحفاة بطيئة، كان يركّز على نقطة الضعف الوحيدة لدى السلحفاة، متناسيا نقط قوته هو، لو كان يردّد أنه سريع لفاز بالسباق. السلحفاة كانت بطيئة فعلاً لكن كانت تمتلك بالمقابل الإصرار والتحدي والنَّفَس الطويل، الأرنب سريع! لكن نَفَسَهُ القصير يصيبه بالكسل، ينتابه الغرور ايضا امام من يعتقد انه بطيء. كذالك باريس، كانت تُردّد أن عودة نادي برشلونة مستحيلة، يعني انها تركز علىنقطة ضعف الخصم، التي تتجلى في تلقيه اربعة اهداف في الذهاب، لو ردّد النادي كلمات اخرى تزرع في نفوس لاعبيه روح المسؤولية؛ من قبيل سننتصر في الكامب نو، علينا تفادي الخسارة، سنسجل اكبر قدر من الاهداف... وتم استغلال نقاط قوتهم لا نقاط ضعف الخصم، لتأهلت الى الربع.
الارنب لم يحظى بفرصة ثانية في نفس السباق لنعلم جديته، فلو كان السباق على مرحلتين، لنام في الاولى وفاز في الثانية واستوعب الدرس جيدا، سيفوز بالجولة الفاصلة والاخيرة. عكس باريس الذي دخل المباراة فائزا متأهلا، تكاسل وخسِر بثلاثة اهداف، فتم منحه فرصة اخرى بعد تسجيل كافاني هدفا، وكانت البارسا تحتاج لثلاث اهداف اخرى!! تكاسل باريس سان جرمان من جديد وتلقى 03 اهداف اخرى. بل اكثر من ذالك ازداد غروره بعد هدف كافاني، كرة كافاني ترتطم بالقائم، كافاني نفسه وديماريا تفننا في اهدار محاولتين حقيقين للتسجيل كي تصبح النتيجة 3-3، لم يستوعبوا الدرس بعد، فلم يستحقوا التأهل. مباراة 08 مارس 2017 ستكون عبرة لمنظومة باريس سان جرمان ككل، قد نرى هذا النادي المواسم .
تعليقات
إرسال تعليق