ألا تتذكرون ما فعله أمام منتخب غانا في ربع نهائي كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا؟
أثارت ركلة الجزاء التي تحصل عليها سواريز في الدقيقة التسعين من اللقاء جدلا واسعا وسط الجماهير والمتتبعين، فقد تطرق الكثير من المنتقدين ان سواريز تعمد السقوط للحصول عليها. ان تمتلك مهاجما يمتلك مجموعة من المميزات اهمها التمركز الجيد والتسجيل من أنصاف الفرص يعتبر حاليا أمرا صعبا، خصوصا بعد ان تغيرت منظومة كرة القدم التي اصبحت تعتمد كثيرا على البناء الهجومي الجماعي، والذي من خلاله لا تدري اي لاعب سيسجل الهدف، فميسي اصبح صانع العاب لكنه هداف للدوري، نيمار وسواريز جناحين في معظم الفترات، رغم ذلك فهما يملكان رصيد اهداف اكبر من المهاجمين التقليديين، كالذي يحاول رونالدو البرتغالي اثباته في ريال مدريد بعد تغييره من الجناح الى مهاجم صريح في نقطة الجزاء، فانخفض مستواه التهديفي بشكل رهيب.
عكس ما كان في السابق، المهاجم ويطلق عليه رأس الحربة يتحرك في نقطة الجزاء منتظرا كرة عرضية او تمريرة من احد لاعبي الوسط ليسكن الهدف في الشباك بعد انفراده بالحارس، كإنزاكي وشيفشينكو لاعبا الميلان، او دروكبا وانيلكا لاعبا تشيلسي، باولايتا لاعب باريس السابق، امّا حاليا فثمة مهاجمين امثالهم، تغيروا مع تغير الظروف ولم يتأقلموا الا بصعوبة، كمولار ولايفادوفسكي في البايرن، دييكو كوستا في تشيلسي، بنزيما في الريال... اما آخرين فلم يتأقلموا وينتقلون من نادي الى آخر من اجل اثباث اهمية رأس الحربة التقليدي، امثال دزيكو لاعب المان سيتي السابق وروما حاليا ومانزوچيتش لاعب البايرن السابق وهيكوايين لاعب نابولي وريال مدريد السابق ويلعبان حاليا في جوفينتوس.
سواريز يمتلك معظم المميزات، ربما الطريق الذي سلكه للوصول الى برشلونة ساعده على ذالك، فقد تَكوَّن في مدرسة اجاكس الهولاندي، والتي تنمي المهارات التقنية للاعب، ثم انتقاله الى ليفربول واللعب جنب جيرارد علمته القتالية والمهارة، والتعود على الضغوط في اقوى دوري في العالم ، ثم حظي باللعب الى جانب الجيل التاريخي للبارسا. وهناك مثال آخر لنفس مسيرة سواريز، الهولندي رود فان نيستروي، اللاعب الشهير الذي يستطيع تسجيل الهدف من نصف فرصة فقط فما بالك بفرصة كاملة. تمتلك سواريز!؟ فإنك إذن تمتلك، لاعب يجيد المراوغة والاختراق وحسن التمركز والاهم في الامر التمثيل والبراعة في السقوط. كرة القدم لا تؤمن بالمنطق وتؤمن بالدقيقة الاخيرة والفوز بالمبارة والالقاب، وسيتناسى العالم بعد مدة ذاك السقوط، وسيتذكر فقط السداسية والتأهل.
سواريز يمتلك سرعة البديهة والواجب الدفاعي، ويتجلى الامر، في التصدي كدور حارس المرمى لتسديدة لاعب غانا في ربع نهائي كأس العالم جنوب افريقيا 2010، تم طرده من المبارة، لاعب آخر قد لا يفعل ذلك تاركا الكرة تسكن الشباك، مبررا فعلته ان فريقه قد يهاجم من اجل الحصول على التعادل من جديد. اما الاورغواي فتحصلت على التعادل في حينها بفضل سواريز، ولو كنت انا في موضعه لاحتفلت بالتصدي كاحتفالي عندما اسجل، اما البطاقة الحمراء فليست الا ورقة خصوصا ان المبارة تتجه الى النهاية والعياء بدى على منتخب غانا.
في الاخير تأهل الاوروغواي الى نصف النهائي بركلات الترجيح، وتوج دييچو فورلان بأفضل لاعب في البطولة. وشكرت الاوروغواي كاملة سواريز على التصدي، وانهارت احلام القارة الافريقية بأول وصول لنصف نهائي كأس العالم. لنستنتج في ختام صفحة سواريز، ان العالم يتذكر الخواتيم فقط، اما التفاصيل فيتذكرها عندما يحتدم الجدل، فعندما انتقد جمهور الريال سقوط سواريز، ذكرهم جمهور البارسا بهدف راموس الاول في مرمى أتلتيكوا مدريد من وضعية تسلل في نهائي ابطال اوروبا 2016، والتي فاز بها الريال واحرز لقبه الحادي عشر.
تعليقات
إرسال تعليق