اجمل ما في كرة القدم، ان لا احد يستفيد من أخطاءه ولا من اخطاء سطرها التاريخ بالخط الاحمر العريض.. كيف؟ للجواب على السؤال يجب علينا استحضار امثلة وقعت في الموسم الحالي.. من اندية لها من الخبرة والتجربة ما يكفي للفوز بالمباريات والتأهل في بطولة دوري الابطال، وإن كان لابد من الخسارة لشدة قوة الخصم، فلا يخسرون بنفس الاخطاء.. لكن كرة القدم لا تعترف بالمنطق الا في اقتصادها، اما داخل الميدان فلا منطق هناك.
![]() |
ميسي، سواريز ونيمار |
ما وقع لنادي برشلونة في ثمن نهائي الابطال تكرر شطره السلبي في ربع النهائي امام يوفينتوس.. تلقّيتَ اربعة اهداف في باريس، ثم ثلاثة اهداف في تورينو، فهل هناك اولويات اخرى يا انريكي من الدفاع؟ هل تهتم مثلا لحراسة المرمى ولديك دير شتيغن؟ امْ أنك منشغل بالهجوم وانت تمتلك كتيبة ال 'MSN'؟ تلقيت ما يكفي من الاهداف ولم تستوعب بعد حجم ما يعانيه جمهورك عندما تخترق الكرة شباككم.. الا تعلم ان كرة القدم لعبة جماعية؟ كيف سيكون شعور 'MSN' عندما يُصَنّفون كأقوى هجوم في اوروبا والعالم، لكن للأسف حققوا بطولة كأس اسبانيا فقط..!!! لك الآن يا انريكي ان تجيبني على اسئلتي في ختام القصة التي سأسردها حالا، كي نحاول استنتاج ما سيشعر به ال 'MSN' بعد نهاية الموسم:
أسّسْت شركة خدمات تجهيز المنازل بالمكيفات ومختلف الاجهزة الالكترونية… ولأنك ذكي فأنت لا تنتظر قدوم الزبناء لمقر شركتك، بل تقوم بإرسال ثلاثة مسوقين تابعين للشركة لعرض منتوجات الشركة على الزبناء.. يخرج كل واحد منهم في وجهة محددة دون ملل ولا كلل.. يبحثون عن زبناء للشركة.. ويتعرضون لمواقف شتى؛ فمنهم من تلقى الشتائم بعد ان ازعج صاحب المنزل، وآخر اتهمه بالنصب وان المنتوجات ليست بالجودة المرجوّة، وآخر ما أن بدأ بعرض الكاتالوڭ حتى انسدّ عليه الباب بقوة.. ورغم ذلك يستمرون في عملهم بحزم وتفاني.. يحصلون على عدد من المنازل التي يرغب اصحابها بإضافة تجهيزات الشركة، يكفي الآن ان يتوجه القسم التقني للمنازل كي يتمم المهمة.. تصور معي ان القسم التقني لا يحترم المواعيد والجدولة، لم يلبي الخدمات المطلوبة من طرف الزبناء.. زبون يطلب منك تعويضات عن الحالة التي تسببها طاقمك بمنزله.. تتأزم الوضعية في الشركة بسبب طاقمها التقني، تضرر الجميع، المسوقين ورغم مجهوداتهم المتكررة تأخر دفع مستحقاتهم فما بالك بتلقي التحفيزات نظير مجهودهم.. مثالي هذا واضح، مجهود افراد يتم نسفه عن طريق افراد اخرين من نفس المجموعة.. اذن ما ذنب المسوقين؟؟ لماذا يجتهدون ويتحلون بالصبر تجاه تصرفات وأجوبة الزبناء وختام ذلك تأخر الرواتب التي تسبب بها افراد الطاقم التقني؟؟ كيف ستتصرف لو كنت مكان المسوقين؟ وكيف ستتصرف الآن وانت مالك الشركة؟
أمعن المدرب في القصة وبدأ الحديث : نعم، قبل الاجابة عن الاسئلة يجب ان اتحدث اولا عن كرة القدم، بالفعل هي لعبة جماعية، تتطلب انسجام الخطوط افقيا وعموديا، واي تقصير من خط او فرد، يتضرر الجميع.. بخصوص شركتي التي تحدثت عنها للتو، احب ان اشكر المسوقين على مجهوداتهم، ذنبهم الوحيد انهم يزاولون عملهم كما يجب، وجزائي لهم حسن سيرتهم امام الجميع، فكما تعلم قد تسألني احدى الشركات عنهم فيما لو أرادوا انتدابهم.. فما يقومون به سيمنحهم عروضا مغرية من عدة شركات مشابهة.. اما السؤال الثاني؛ فيما لو كنت واحدا من أولئك المسوقين، فلدي احتمالين؛ إما المغادرة والبحث عن شركة اخرى تضم قسما تقنيا كفؤا يستطيع التجاوب مع الزبناء، مم يمنحنا النجاح كمجموعة متجانسة.. وفيما لو احببت هذه الشركة واصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتي، فسأتدخل في شؤونها الادارية من اجل تحسين مردوديتها، فعلى الادارة تقبل اقتراحاتي والعمل بها واما المغادرة.. المهم ان الوضع يجب ان يتغير.
اذن، مم سبق فقد نستنتج ان ميسي على حق عندما يتدخل في الشؤون الادارية للنادي، فيطلب استقدام لاعبين للفريق مقابل طرد آخرين، هذا دليل كافي لحب ميسي لهذا النادي.. بعض الصحف ذكرت ان بيب غوارديولا غادر النادي لذات السبب، ميسي يتدخل في امور لا تعنيه.. ميسي اختار الاحتمال الثاني، البقاء في النادي مقابل التدخل في اختصاصات الادارة والمدرب.. بالنسبة لنيمار او سواريز فهما سينتظران حتما اختيارات ميسي، فهو كوكيل لهما لدى الادارة.. فهما ليسا من ابناء النادي ويستطيعون المغادرة بعد تلقي عرض مغري من اندية اخرى.. لم تحمل يا انريكي يوما لاعبا بحد ذاته مسؤولية الهزيمة، رغم ما تنشره الصحافة عن سوء علاقتك مع الظهير جوردي البا، فتقول في معظم تصريحاتك، ان الدفاع لم يكن جيدا او نعاني ضعفا في دفاعنا. عندما تتحدث لأكثر من ثلاثة اشهر عن سوء اداء دفاعك، ولم تفعل شيئا ازاء ذلك فانت تتحمل المسؤولية الكاملة.. فلتبحث عن البديل في الفريق ب، فالمعروف عنكم افتخاركم بما تنتجه مدرسة لماسيا من لاعبين، اصبحوا حاليا نجوما في الفريق..
هناك اندية اخرى نال منها الاقصاء رغم اقترابها من التأهل، فكان الخطأ المتكرر سببا في ذلك.. لا يعدو الامر ان يكون دهاء مدرب الخصم فقط، فمدرب الفريق الخاسر و المغادر للبطولة ايضا استمر في خططه الفاشلة منتظرا نتائج ناجحة... موناكو الفرنسي اقصى مانشستر سيتي في دور الثمن النهائي بعد ان دكّ شباك الاخير بثلاثية متكررة ذهابا وايابا، كما خسر ارسنال من بايرن ميونخ في مباراتي التأهل بنفس النتيجة مرتين، خمسة اهداف مقابل هدف في الذهاب ومثلها في الاياب، نفس اخطاء الذهاب تم اعادتها في الاياب فما كان على الخصم الا اعادة نفس النتيجة.. قصة اشبيلية تبدوا الغريبة بعد ان اضاع الفريق ركلتي جزاء، الاولى في الذهاب كانت كافية لمضاعفة حظوظ التأهل، اما الثانية فكانت هذية من السماء، الدقيقة الثمانون والنادي يحتاج لتلك الركلة من اجل احراز التعادل في مجموع المباراتين والاحتكام للوقت الإضافي، الركلة اضاعها اللاعب 'نزونزي' وتألق حارس ليستر سيتي 'شمايكل'. بدأت الاحظ ان الاندية وخصوصا الكبرى منها اصبحت تعتمد على نفس المنظومة ونفس الاستراتيجية مهما كان الخصم او مهما كانت النتيجة، الاندية التي تعتمد على الهجوم والاستحواذ في مجمل فترات اللقاء، لن تغير نهجها للدفاع والهجمات المرتدة لان في ذلك حسب اعتقادها مسّ بكرامتها، العودة للوراء للحفاظ على نتيجة الذهاب!! بالنسبة لهم عار.
فلذلك رأينا البايرن تقسوا على ارسنال مثلما فعلت مع البارسا.. فلذلك رأينا مانشستر سيتي يقصى امام موناكو لأن المدرب اراد حسم التأهل بانتصار خارج اراضيه ولم يعتمد الدفاع حفاضا على افضلية الذهاب كي لا يبدوا جبانا امام العالم، لان الخصم فريق من الدوري الفرنسي، فقد يقول مثلا الاقصاء "الاقصاء اهون عندي من قضاء الشوطين مدافعا".
تعليقات
إرسال تعليق