خسر بالأمس ريال مدريد مباراته الثانية على التوالي هذا الموسم، والاولى له في دوري الابطال، وللصدفة فريال مدريد خسر ايضا افتتاح البطولة الموسم الماضي امام باريس سان جرمان، وهو امر لم يحدث من 15 سنة، حين خسر الملكي مبارتي افتتاح دوري الابطال لموسمين متتالين، وكانت حينها امام ليون الفرنسي في 2005-2006 و2006-2007. الخسارة الموسم الماضي امام باريس سان جرمان بثلاثية نظيفة كانت لها اناذاك مبررات ورغم انها لم تكن كافية الا انها منحت (المبررات) الفريق وزيدان بعض الهدوء والذي تكلل بعودة الفريق لسكة الانتصارات وتمكن اخيرا من العبور للدور الثاني لكن وراء نادي العاصمة الفرنسية رائد المجموعة ونافس برشلونة في الدوري. وقبل الخوض في تفاصيل ما يحدث في البيت الابيض لنحكي اولا هذه الحكاية.
قبل بضع سنوات، كان هناك شاب يشتغل مرشدا سياحيا ويمتلك زورقا على نهر نياغارا في امريكا الشمالية. في يوم من الايام كان الشاب عاطلا عن العمل، وقرر انزال زورقه للنهر لينام فيه بدلا من التسكع هنا وهناك. لكن بلامبالاته لم يكن الوثاق مثبتا كفاية ليمنع عنه انفلات الزورق. احتضنت المياه الجارية الزورق اما الشاب فقد نام نوما ثقيلا.. مع مرور الوقت انفك وثاق الزورق ومضى مع التيار الجارف. استشعر الناس الواقفون على ضفاف النهر الخطر المتربص بالشاب واخدوا بالصياح ليقضوه من نومه.. لكن دون جدوى. وصل الزورق الى جانب صخرة كبيرة قائمة في بطن النهر، ضاعف الناس جهودهم لإيقاظه ويصرخون : "اصعد للصخرة.. اصعد للصخرة.. انقذ نفسك..." لكن الشاب النائم لم يستيقظ ولم يلبث الزورق حتى انفلت ايضا من الصخرة واكمل طريقه باندفاع متزايد نحو الشلالات الضخمة. الشاب النائم لم يستيقظ الا على صوت زئير الشلالات المرعب، لكن الاوان قد فات واصبح المسكين رفقة قاربه في قلب الشلال والموت يترصده.
طبعا هذه الحكاية تتحدث عن تفاصيل صغيرة لم يكن الشاب مباليا بها لكنها في النهاية كلفته حياته.. فهل ينطبق نفس الامر على ريال مدريد ومدربه زيدان؟؟ طبعا لن تكون الموت تكلفة ما يحدث في النادي ففهي النهاية نحن نتكلم عن كرة القدم.. لكن للموت ايضا ابعاد اخرى واوجه متعددة. فكثيرة تلك الاندية التي ماتت فعليا واخرى تصارع الموت بينما هناك اندية ماتت وتتمنى لنفسها ولادة جديدة بذات الاسم والتاريخ. ريال مدريد منذ غادر رونالدو اصبح كالشاب العاطل الذي فضل النوم بدل البحث عن العمل. نام ريال مدريد منذ صيف 2018 ثم ناشده محبوه ان يستيقظ ويبحث عمن يعوض الاهداف الخمسين التي يسجلها رونالدو كل موسم.. مانشستر يونايتد قال له انه لم تقم له قائمة منذ باع رونالدو.. لكنه لم يسمع اي شيء من هذا وظل نائما.. ارسل له القدر تنبيهات وعلامات النجاة كتلك الصخرة التي كانت آخر فرص الشاب في الحياة، لكنه ظل نائما.
ريال مدريد تلقى من تنبيهات القدر اكثر مما يستحق!! لكنه ظل نائما.. خرج من دور ال 16 لدوري ابطال اوروبا امام اياكس برباعية في الموسم قبل الماضي وظل نائماً.. خسر من باريس سان جرمان بثلاثية نظيفة في افتتاح البطولة الموسم الماضي وظل نائما.. سقط من الثمن امام مانشستر سيتي وبخسارة المبارتين ذهابا واياباً وظل نائماً.. فاز بالليجا بفضل ثلاثي برشلونة بارتيميو وفالفردي وكيكي سيتين وضربات الجزاء والكرات الثابتة وظل نائما. ظل ريال مدريد "نائما" معتقداً ان الحياة ابدية. الغريب ان زئير الشلالات الجارفة اقترب ولا نية له في الاستيقاظ.
حسنا!! إن لم يكن نائما.. فمتى انتظر ريال مدريد اقتراب نهاية عقد نجم ما ليشتريه بأقل من قيمته؟؟ نعم انه هذا الريال!! فشل في صفقة هازرد صيف 2018 وانتظر لصيف 2019 ليشتريه لان نهاية عقده ستكون صيف 2020 مع تشيلسي.. وها هو هازرد يقترب من الثلاثين من العمر وقد مكث في المصحات ما لم يمكثه في دكة البدلاء. والريال الحالي ينتظر اقتراب نهاية عقد مبابي مع باريس سان جرمان ليتمكن من شراءه في صيف 2021 بقيمة مالية منخفظة!! لأنه فشل في شراءه صيف 2019 وصيف 2020.. لكن ماذا لو فشل ريال مدريد في التأهل لدوري الابطال!! هل سيلعب مبابي في الدوري الاوروبي!!! بصيغة اخرى هل سيختار مبابي الذهاب لفريق تعرض للتخريب ولا يلعب دوري الابطال!! ولو حدث ذلك هل سيحافظ ريال مدريد على نجومه؟؟؟ لكن عن اي نجوم اتحدث؟ فينيسوس!! اكيد لا؟؟ هازرد!! هذا نجم المصحات والمستشفيات!! من نعرفهم كنجوم هم مودريتش وكروس وراموس ونعلم انه اقتربت ساعة رحيلهم او حتى موعد اعتزالهم.
متى رفع ريال مدريد شعار لا صفقات شراء هذا الصيف؟؟ كان ريال مدريد الذي نعرفه يقوم ببعض الصفقات فقط ليقوم بها.. فإن لم تكن له فائدة مباشرة فهي قد تربك حسابات الخصوم في الدوري المحلي او في دوري الابطال.. ريال مدريد الذي نعرف كان المرشح الاول للفوز بالصفقات من المستوى الاول. كان اسم ريال مدريد مرتبط بكل لاعبي الكرة الارضية. لك ان تتخيل ان اندري جوميز تم بيعه لبرشلونة بخمسين مليون يورو لان ريال مدريد كان منافسا في الصفقة، أفلم تكن هذه ضربة قوية للخصم المباشر؟ رونالدو زَيّن واجهات الصحف الكتالونية قبل ايام من التوقيع لريال مدريد!! خطفه من برشلونة في اخر اللحظات.. هذا ريال مدريد الذي نعرف.. وليس ريال مدريد الذي يصرح رئيسه ان لا صفقات شراء هذا الصيف، كأن ازمة كرونا ضربت البيت الملكي لوحده.
حسنا!! متى باع ريال مدريد لاعبيه المتألقين فقط لملء خزائنه؟؟ فحين باع روبين لبايرن ميونخ قبل اكثر من عقد قال الاخير ان الريال باعه رغما عنه لتغطية صفقات الصيف وكانت حينها صفقات ذات جودة عالية فنيا وذات قيمة سوقية مرتفعة كرونالدو وكاكا وبنزيما. اما ريال مدريد الذي نراه اليوم فقد باع ريغيليون للاحتفاظ بميندي ومارسيلو!!! وباع حكيمي للاحتفاظ بكرفخال (اصابات وعملية في القلب) واودريزولا!! وقبل ذلك باع لورانتي وكوفاسيتش لان كاسيميرو لا يمكن اجلاسه في الاحتياط!!! لماذا باع؟؟ لماذا يذخر تلك ال 100 مليون يورو التي جناها من بيع اللاعبين بدل استثمارها؟؟ لماذا لم يبقي على ريغيليون مثلا للموسم المقبل وحين سيحتاج للسيولة من اجل شراء مبابي يقوم ببيعه!! ما حجة ترك الاموال في الخزينة؟؟ الجواب الوحيد والمبرر لهذه العملية هو ان هناك ازمة مالية خانقة في النادي ولم تطفوا بعد على السطح. ربما لان بيريز احكم السيطرة على كل شيء ولا مجال لأي تسريبات او كشف اسرار للصحافة، فربما الصحافة نفسها في مدريد تابعة له.
هذا الريال الذي نراه ريال نائم.. تلقى الموسم الماضي بعد الخسارة من باريس سان جرمان تحذيرات لكنه لم يستيقظ ورغم ذلك فالحظ وقف في صفه في دوري المجموعات لأنه نافس على البطاقة الثانية امام غالاتساراي التركي وكلوب بروج البلجيكي. هذا الموسم خسر من شختار في افتتاح ذات البطولة.. لكن الوضع تغير والحظ لن يقف بجانبك وانت نائم. فالريال حاليا في مجموعة تضم بالاضافة لشاختار ممثل المانيا مونشتغلادباخ وممثل ايطاليا انتر ميلان. واحتمال خروجه من دور المجموعات وارد جدا وهو ما لم يحدث في تاريخ النادي. بل إنه سيفضل احتلال المركز الرابع من احتلال المركز الثالث والتوجه للدوري الاوروبي. هناك في الدوري الاوروبي سيحكي له ميلان و ارسنال وسلتيك قصتهم عن الموت وبحثهم المتواصل عن رحم جديد يحتضن ولادتهم من جديد.
تعليقات
إرسال تعليق