دون أن يخبر أحدا.. تابع غوارديولا مباراة البرتغال وسلوفينيا في إحدى الفنادق الفخمة في فرانكفورت.. أرسل رسالة قصيرة لـ جوزيه مورينهو الذي يعمل محللاً لمباريات اليورو على قناة سكاي سبورت، وعرض عليه الالتحاق به بالفندق فور انتهائه من التحليل، للعشاء معا ثم الحديث عن بعض تفاصيل اليورو.
رغم أنه قطع وعدا على غوارديولا بالالتقاء في اليورو، متى سمح له الوقت بذلك، إلا أن مورينهو الذي يضع العائلة في اولى اولوياته لم يستطع تلبية دعوة غوارديولا هذه الليلة للعشاء لكنه وعده بالقدوم إلى الفندق في الصباح وممارسة رياضة المشي معا ثم تناول وجبة الإفطار.
استحسن غوارديولا الموعد الصباحي وانتبه أن الوقت تأخّر وربما لن يسعفه ليناقش كل الأفكار المتراكمة في دماغه مع مورينهو، بينما في الغد لديهم متسع من الوقت ليتناقشا في كل التفاصيل.
تذكّر فجأة لاعبه المدلّل بيرناردو سيلفا وأرسل له رسالة قصيرة يهنّئه فيها بالتأهل للرّبع النهائي، وأخبره أنه شاهد المباراة هنا في فرانكفورت.
بيرناردو سيلفا طار فرحا بالرسالة، وما كان له إلا أن يردَّ بطلبِ موقِع الفندق حيث يقيم ليلتحق به للتحدث قليلا عن التكتيك والخطط.. فربما تسعفه إحدى نصائحه في تجاوز فرنسا يوم الجمعة فجاء جواب غوارديولا سريعا : ربما لن يسرَّك ما سأحدّثك به!!
سيلفا: ارسل لي موقع الفندق على الخريطة ولتتحدَّث كما تشاء.
وصل سيلفا للفندق سريعا.. وبعد عناق حار بين اللاعب ومدربه، قال له غوارديولا: ما بكم منزعجون من رونالدو، أنت و برونو فيرنانديز حتى صرتم حديث الصحافة ومادة خصبة لمحللي التلفاز!!
سيلفا: هكذا إذن!! أنت منزعج من ردة فعلنا تجاه رونالدو!!
غوارديولا : نعم منزعج للغاية!! فماذا لو فعل الجميع بأساطيرهم مثلما تفعلون!! من سيكون قدوة الجيل القادم!!
سيلفا: كان عليه الاعتزال دوليا ويحفظ ماء وجهه.. فقد انتهى كلاعب!!
غوارديولا : بعدما وصل بجنسية البرتغال لأعلى مراتبها كرويا وفتح لكم ابواب الاندية الكبيرة وصعد بكم لمنصات التتويج في اليورو وفي دوري الأمم الأوروبية تُطالبونه اليوم بالاعتزال!!
فجأة ظهر القلق على سيلفا كأن فكرة ثقيلة هاجمته وجثمت على قلبه: ليس الأمر كذلك!!
غوارديولا : بل هو كذلك. انتم أنانيون لدرجة أنّكم تَعتقدون أنه الحلقة الأضعف في الفريق!! بينما تغيب عنكم قراءة المباراة من زاوية الخصم الذي يشعر بالرعب لمُجرد وقوف رونالدو في منطقة جزائهم. في النهاية أنت وبرونو الخاسرين في الملعب أمام شعبكم!!
سيلفا: لماذا!!
غوارديولا : لأن الشعب البرتغالي يدرك أن رونالدو رفع اسم البرتغال عاليا ولمدة 20 عاما!!
سيلفا : وما علاقة الجنسية بالامر!!
غوارديولا: الجنسية والجنسية الرياضية خصوصا علامة تجارية ايضا. فأنت مثلا ما كنت لتلعب في السيتي لو لم تكن برتغاليا وبرونو نفسه لم يكن ليلعب في اليونايتد وينال شرف الكابتن لولا جنسيته!! اتعلم لماذا!!
سيلفا: لماذا يا فيلسوف!!
غوارديولا: لأن الأندية تبحث عن خليفة رونالدو في #البرتغال.. لأنها تدرك تمام الإدراك أن ملايين الأطفال والفتيان يحلمون ليل نهار بأن يصبحوا مثل رونالدو!!
سيلفا : هذا الحلم ليس قصراً على البرتغال لانه حلم يتشاركه كل اطفال المعمورة!! بل وصل حتى للأرجنتين.. لأن غيرناتشو يحلم بأن يصبح مثل #رونالدو بدل الحلم بأن يصبح مثل ابن بلده ميسي.
غوارديولا : في البرتغال أن تصبح مثل رونالدو أمر واقع يشاهدونه بأعينهم وليس من رأى كمن سمع.
سيلفا: أنت تؤمن إذن بتلك المنشورات التي تضع للاعب معين سعراً حسب الجنسية. لاعب من افريقيا مثلا سعره 40 سيكون سعره 80 مليون لو كان اوروبيا ولو كان برازيليا أو ارجنتينيا سيكون سعره 160 مليون يورو.
غوارديولا : لا جعجعة دون طحن.. تلك حقيقة وليست فرضية. وهذا ليس عيبا.. فالاندية تبحث في البرازيل عن خليفة بيليه وكم من نجم بزغ بعد بيليه بل ولم تتوقف البرازيل عن ابراز لاعبين ماهرين منذ تلك اللحظة التي أصبح للاطفال قدوة مثله. في الأرجنتين كانوا يبحثون عن خليفة مارادونا، وبعد بابلو ايمار وريكيلمي، ازداد من تجاوزهم جميعا وهو ميسي، وستظل الجنسية الارجنتينية الأولى في العالم، لأن الكشافة سيَصلون الليل بالنهار بحثا عن ميسي جديد!!
سيلفا: اقتنعت شيئا ما.. فما المطلوب!!
غوارديولا: المطلوب أن تحترموا أقصى الاحترام اسطورَتكم.. وإذا لم تتوّجوا بهذه النسخة فهو لا محالة سيعتزل مرفوع الرأس.. فمعه فقط رفعت البرتغال لقبها الوحيد. سيفرغ لكم الساحة حينها في كأس العالم وامم اوروبا المقبلة لنرى هل تستطيعون حمل المشعل أم يحتاج الأمر فعلا لخليفته!!
كتم سيلفا غيضه وقال دون وعي منه: حسنا!!
غوارديولا : هيا غادر نحو بعثة منتخبك فقد تأخر الوقت.
تعليقات
إرسال تعليق